تلميذة شيخ الاسلام ... هل نجد مثلها في الانام

الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبيه ومصطفاه، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
لا يزال الخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين..
ولا يزال طلاب العلم ينهلون من أهله، وعلماء الإسلام ودعاته في كل مكان وزمان يتحركون، وإلى الله يدعون، وقد يظن بعض الجهال أن ذلك وُقف في الإسلام على الرجال دون النساء، فصاروا يقولون (لا لحرمان المرأة من التعليم )!
ولكن أي تعليم، وبأي لهجة تتكلمون؟! وبأي نيةٍ تتفوهون ؟!
وممن انتسبوا إلى العلم من شددوا على أنفسهم وعلى غيرهم، ومنعوا ذلك النساء مطلقًا، وهذا مخالف مخالفة واضحة، وما هو إلا تنطع مذموم..
ولا نزال نرى النساء في أسانيد الرجال، بل نرى من خصص لهن المجالس كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَن جاء بعده من أهل العلم.. مع التزام الضوابط الشرعية المتعارف عليها.

وممن اشتهرن بالعلم والفضل، والدعوة إلى الله، والأخذ عن اكابر العلماء:
(فاطمة بنت عباس) رحمها الله.
قال ابن كثير - رحمه الله- عنها:
«وفي يوم عرفة توفيت: الشيخة الصالحة، العابدة الناسكة، أم زينب، فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد، البغدادية، بظاهر القاهرة، وشهدها خلق كثير، وكانت من العالمات الفاضلات، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم على الأحمدية في مواخاتهم النساء والمُرْدَان، وتنكر أحوالهم، وأصول أهل البدع وغيرهم.
وتفعل من ذلك ما لا تقدر عليه الرجال !
وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله- ؛ فاستفادت منه ذلك وغيره.
وقد سمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله- يثني عليها، ويصفها بالفضيلة والعلم.
ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرًا من «المُغْنِي» أو أكثره.
وأنه ــ يعني شيخ الإسلام ــ كان يستعد لها ؛ من كثرة مسائلها، وحسن سؤالاتها، وسرعة فهمها، وهي التي ختمت نساء كثيرًا القرآن».
انتهى، انظر: «البداية والنهاية» -في وفيات سنة (714هـ) - (18/-140-141).
.
وقال الذهبي -رحمه الله- عنها - :
«وماتت العالمة الفقيهة، الزاهدة، القانتة، سيدة نساء زمانها، الواعظة، أم زينب فاطمة بنت عباس البغدادي الشيخة، في ذي الحجة بــ(مصر)، عن نيف وثمانين سنة، وشيعها خلائق.
انتفع بها خلق من النساء وتابوا، وكانت وافرة العلم، قانعة باليسير، حريصة على النفع والتذكير، ذات إخلاصٍ وخشيةٍ وأمرٍ بالمعروف. انصلح بها نساء (دمشق)، ثم نساء (مصر)، وكان لها قبول زايد، ووقع في النفوس؛ رحمها الله».
انتهى، انظر: «العبر في خبر من غبر» -في وفيات سنة (أربع عشرة وسبعمائة) - (4 / 39).
قلت: لقد كانت -رحمها الله-تحرص على أعظم أنواع النصيحة، ألا وهي الحث على التمسك بالتوحيد، والثبات عليه، والتحذير من البدع؛ عملًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» رواه مسلم (55).
قال شيخ الاسلام ابن تيمية -رحمه الله- :
«فإن أعظم ما عُبد الله به نصيحة خلقه». انظر: «مجموع الفتاوى» (615/28).
.
وهكذا أهل الإخلاص والصدق من هذه الأمة من أهل السنة والجماعة يعلي الله شأنهم، ويبقي ذكرهم بين الناس بإذن الله.
فليت لطلاب العلم وأهله أن يهتموا بهذا أشد الاهتمام؛ وقد قيل:
الأم مدرسة إن أعدتها ** أعددتَ شعبًا طيب الأعراق
أسأل الله أن يصلح حالنا، وحال نساء المسلمين، وينفع بنا وإياهن، ويميتنا على التوحيد والسنة، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
والحمد لله رب العالمين.
وكتب
أبومارية أحمد بن فتحي