لماذا اشتهر منهج ابن تيمية (ملمح من حياته)

لا يزال اسمه يتردَّد في حياته إلى يومنا هذا، وسيظل يُذكَر بذِكر عِلْمه، وتأصيلاته، وتقعيداته، وردوده المُفحمة التي تُدرس إلى يومنا هذا...
ولم يشتهر أحدًا بلقب (شيخ الإسلام) كما اشتهر هو، فإذا ما أُطلق اللقب؛ دل عليه، وليس غيره!
فكيف حاز ذلك كله، وكيف كان الرجل، وكيف كانت حياته، وماذا فعل مع ربه ؟!
قبل ذلك:
لابد أنْ نُقِرَّ أنه وُجد في عصره عُلماء أفذاذ متقنون، بغض النظر عن مناهجهم وعقائدهم، كتقي الدين السبكي، وابن مخلوف، والزملكاني، وغيرهم كثير..
فعلَا منهجه على كل هؤلاء... رُغم أنه فلم يكن فريد دهره، ولكن تفرَّد بأمور لم يتفرد غيره بها..
- فقد كان محبًّا لله ورسوله بحق، متسامحًا لدرجة عجيبة!، حتى سامَحَ أعداءه الذين أَمَرُوا بقتله، فقد قال ابن مخلوف:
(اقتلوا ابنَ تيمية ودمُه في عُنقي)! كما ذكر ذلك الشوكاني في البدر الطالع.
- وكان أشهر سجينٍ في عصره، بسبب ردوده على المخالفين وأهل البدع.
- وحرم نفسه الزواج والاستمتاع بالدنيا بسبب قـلـقـلة حياته، وبالتالي حُرم مُتعة الولَد.
- وعاش فقيرًا مدقعًا، ومات سجينًا منفردًا !
- وكان عابدًا له خلوةٌ..
ومِن آخر كلماته التي قالها:
((فإنى قد أحللت كل مسلم، وأنا أحب الخير لكل المسلمين، وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي، والذين كذبوا وظلموا؛ فَهُم فى حِلٍّ من جهتي)).
بعد كل ما حصل يقول هذا ؟! بعد الافتراءات عليه، وسجنه، وتعذيبه، وتشريده، بل وتكفيره يقول هذا؟!
نعم، إنها الكلمات الصافية، التي تدل على انتزاع حظوظ النفس من نفس ذلك الرجل الزكي!
وقد سبقه أحمدُ بن حنبل لما عُذب من السلطان، وبرغم ذلك قال: ((ولو كانت لي دعوةٌ مستجابة لجعلتها للسلطان)).
إنه المنهج الحق الذي دعوا إليه، وتوَّجوه بالإخلاص، ولم يلوِّثُوه بحظوظ النفس والنصرة لها !
فكانوا أرحم الخلق بالخلق؛ فرَحِمَهُم الخالق!
واليوم.. نحزن على ما وصل إليه بعض الطلاب، والشيوخ، بل وعامة الناس -إلا من رحم ربي وعصم-، فيما بينهم !! لا ما يحصل بينهم وبين مخالفيهم !!
فاللهم رُحمَاك.
وكتب
أبومارية أحمد بن فتحي