التوحيد والفن

إنَّ للموحِّد نظرة للفنون والآداب تختلف عن نظَرَات الآخرين..
فهو ينظر إليها بمنظار التوحيد، وفْقَ منهج الله عز وجل.
ولذلك، فهو يرفض فَنَّ النَّحْت، وصناعة التَّماثِيل، وتصوير ذوات الأرواح إلَّا لضرورةٍ شديدةٍ ومُلِحَّة، ورسم ما فيه روح! ...إلخ ؛ لِمَا في كل ما سبق وما شابه مِن مَسَاسٍ بعقيدة التوحيد.
وعلى سبيل المثال، ومِمَّن انتشر في هذه الآونة:
- يخرج أحدهم مِن مدفَن أثري فرعوني أو غيره بشَيءٍ ملفوف، وهو يخشَى عليه أشد الخشية، فإذا سُئِل عنه قال: هذا لا يُقَدَّر بثَمَن، هذه تحف، عمرها 2000 سنة أو يزيد، وإذا انكسرت فتلك مصيبة !!.
وتماثيل لذوات أرواح، وهو عبارة عن ماذا ؟ تمثال!!
حقه في الشرع؟ أن يُكسر ويُتْلَف.
- كذلك نجد البعض كُلَّما حلَّت له مناسبة أخذ بعض الصور!! وينشرها هنا وهناك على المواقع والصفحات واليوميات!!
ويحتج ببعض العلماء الذين أباحو التصوير لضرورة!!
إنِّي سائلهم:
أي ضرورة في أن تتصور في نزهة خرجت فيها مع أصدقائك؟!
أي ضرورة في ان تتصور في عقيقة وأنت تأكل؟!
أي ضرورة في أن تتصور في مناسبةٍ سعيدة او في مسجد مع بعض الأصدقاء؟!
بل وأي ضرورة في أن تتصور وأنت تقرأ مصحفًا أو تخطب خطبةً؟!
أي ضرورةٍ وأنت تتصور بالفيديو وأنت تخطب، في حين إمكانية وصول صوتك لمن يريد الاستفادة؟!!
أي ضرورة في كثيير من التصاوير التي فشت في هذا الزمان لمناسبة وغير مناسبة، لضرورةٍ وغير ضرورة ؟!!!
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ [وفي رواية: (الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ)]) البخاري (5950)، ومسلم (2109).
وليس هذا التحريم إلَّا لإبعاد كل مظهر ينافي العقيدة الواحدة الصَّافية، ولِمَحْو كل أثر وثَنِيٍّ، ولذلك كان تحطيم الأصنام أوَّل عمَلٍ قام به الرسُول صلوات الله وسلامه عليه عندما فتح مكة.
بل أمر عائشة بإزالة ساترٍ ومحو ما فيه من الصورة، وتقطيعها لتكون وسادة!!!
أين تحقيق التوحيد، بنبذ مظاهر الشرك وتنفيذ أمر رسول الله؛ لأنك تشهد وتقول (محمد رسول الله)؛ فمأمور بطاعته، وهو جزء من توحيدك ؟!
- كذلك مِن الفنون التي ينظر إليها الموحِّد:
التأليف في القصص، والروايات، والآداب، والأشعار، والمقالات وسائر الكتب في شتى الفنون.... ؛ فينظر الموحِّد مِن منظار التوحيد، فما وافقه فهو الصواب وما خالفه فباطل!.
كنظرة الموحِّد للكتب المخالفة لأهل التوحيد والسنة المليئة بالخرافات، وتأويل الصفات، وغيرها من مصيبات وطامَّات...
قال ابن خلدون "في مقدمته": (( لمَّا فُتِحَتْ أرض فارس؛ وجَدُوا فيها كُتبًا كثيرة، فكتب سعد (رضي الله عنه) إلى عمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه) يستأذنه في شأنها.
فكتب إليه عُمر أنْ: "اطرحوها في الماء؛ فإنْ يَكُن ما فيها هُدًى فقد هدانا الله بأهْدَى منه، وإن يكن ضلالًا فقد كفاناه الله.
فطرحوها في الماء أو في النَّار، وذهبَتْ علوم الفُرْس فيه.
انظر: مقدمة ابن خلدون (1/291).
وهكذا ينبغي على المُوَحِّد أن يَعرض حياته على التوحيد، فما وافقه أخذ به، وما خالفه طرحه ونبذه كما تُـنـبَذ النَّواة!
(قُلْ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لَاشَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).
وكتب
أبومارية أحمد بن فتحي
1 نوفمبر، 2014 ·