التقية صاحبة المكانة العلية (هند بنت عتبة ) رضي الله عنها

زوجة أبي سفيان رضي الله عنه، وأم معاوية رضي الله عنه.
التقية النقية، التي أمر الله رسوله أن يستغفر لها!!
هند بنت عتبة رضي الله عنها وأرضاها
أقول:
إنَّ قلب المؤمن يعتصر ألمًا تجاه ما يراه من حمَلات أهل النفاق، و الجهل، والضلال على صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم يومًا بعد يوم؛ نكايةً في هذا الدين الحنيف الذي لولاهم ما وصلنا وما عرفنا حقيقته !!
هي حقيقة عرفها كل عدو للإسلام، فشمَّر عن ساعد الهوى، وكشف عن ساق الجهل؛ فأراد طمس الهدى ؛ فطعنوا في حمَلَتِه؛ فسهل عليهم كل صعب
والأمة الإسلامية في غفلتها غارقة، لم تستشعر بعدُ خطورة ما يُحاك من ورائها، والله المستعان .
ومن شديد مكرهم أنهم يعمدون إلى آحاد الصحابة فيسقطونهم واحدًا تلو الآخَر، مكرًا وخديعةً؛ حتى لا يتفطَّن لهم أحد..
وعمدتهم في ذلك: روايات مكذوبة، و أخبار واهية؛ لا تقبل في عامَّة الناس؛ فكيف بالصحابة الكرام ؟؟!! الذين اكتحلت أعينهم برؤية الحبيب صلوات الله وسلامه عليه.
ومن أولئكم الذين نالتهم أيدي السَّفَهة من الكُتاب المعاصرين، ومن الرافضة وأتباعهم من المفكرين:
صحابية جليلة المكانة، وعظيمة التقوى والديانة -ألْحَقَ اللهُ بالطاعنين فيها الذلَّ والمهانة-
هي تلك الوَلِيَّة من أولياء الله، والصَّالحة (هند بنت عتبة) -رضي الله عنها وأرضاها- أم معاوية (كاتب الوحي) -رضي الله عنه-
أكرِمْ بها من أم، وأنعِم به من ولد..
أراد الله بها خيرًا؛ فأجرى لها الحسنات بعد موتها بما لحقها من ألسن بذيئةٍ وخبيثة لم تخْشَ الله في عرضها، وهذه من نعم الله على الصحب الكرام.
قالت عائشة - رضي الله عنها:
((إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الله عز وجل يُجري لهم أجورهم فلما قبضهم الله عز وجل أحبَ أن يجري ذلك الأجر لهم)). «الشريعة» للآجري.
فمن هذا الباب كله أردت أن أرميَ بسهم في نحور الأعادي؛ لأن من المقرر عند الأوفياء: أن الحبيب يدافع عن محبوبه، والصديق لا يتأخر عن نصرة صديقه، و إذا لم يحصل ذلك ففي تلك المحبة دخَن!! ولاشك.
وأسأل الله أن يكتب لي أجر ذلك؛ فهو المقصود بالعمل أولًا و آخرًا
- ترجمتها و ذكر فضائلها:
- هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية والدة معاوية وامرأة أبي سفيان أسلمت يوم الفتح وحسن إسلامها جدًّا.
قال الإمام الذهبي رحمه الله:
((كانت هند من أحسن نساء قريش و أعقلهن .. ولها شِعْر جيِّد).
وروت بعد إسلامها بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأورد البخاري بعض أحاديثها في «صحيحه»
ومن فضائلها الجليلة ومناقبها الجميلة:
أن قوله تعالى: { يا أيها النبيَ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك - إلى قوله تعالى - فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم } نزل فيها وفي أخواتها وهذا بعد الفتح في مكة.
وقد ذكر ابن الجوزي في كتابه «التلقيح» أسماء كل الصحابيات اللواتي نزلت فيهن الآية فبلغ عددهم أربع مئة وسبع و خمسون كما ذكر في «زاد المسير» (8/43)
قال الإمام الطبري في «جامع البيان» (12/ 243):
(({واستغفر لهن الله} يقول: سل لهن الله أن يصفح عن ذنوبهم ويسترها عليهن بعفوه لهن عنها)).
- ومن كريم فضلها ومن عظيم تكريم رسول الله صلى الله عليه وسلم لها أنها أهدت له جديين واعتذرت من قلة ولادة غنمها فدعا لها بالبركة في غنمها فكثرت فكانت تهب.
وتقول:
(هذا من بركة رسول الله صلى الله عليه و سلم فالحمد لله الذي هدانا للإسلام).
ويأتي حثالة القوم مثل سيد قطب يقول إنها وقفت بجوار زوجها مُكرَهة على الإسلام!!
وأما الشجاعة فكانت تمشي في عروقها في الجاهلية والإسلام ومما سطرته أيدي التاريخ أنها شهدت اليرموك وحرَضت على قتال الروم فرضي الله عنها !! وإن لم يكن من فضيلة لها تدافع عن الإسلام غير هذه فكفى بها!!
و من حسن إسلامها أيضا:
ما ذكره ابن عساكر -رحمه الله- في «تاريخ دمشق» (37 / 137):
أنها ((لما أسلمت جعلت تضرب صنمها في بيتها بالقدوم فلذة فلذة وهي تقول: كنا منك في غرور)) ها هي تكسر صنمها!! والتي تُتَّهم بالإكراه على الإسلام!! قطه الله لسان البغي الحاقد الجهول الظلوم.
فأكرم بها و أنعم من توبة صادقة رفعها الله بها و أكرمها بها أيما إكرام؛ فكيف يستجيز عاقل مسلم لنفسه الطعن أو سماعه في هذه الصحابية الصالحة بل والموحدة التقية.
أمَا سمع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مدَ أحدهم ولا نصيفه)) رواه الترمذي (3861) وصححه الألباني.
ولا يشك عاقل أن هندا رضي الله عنها داخلة يقينا تحت هذا الحديث، وهذا الحديث يعتبر سيفا قاطعا على رقاب الحاقدين على الصحب الكرام فكل من صحت في حقه الصحبة فعرضه محرم بنص هذا الحديث لأن شرف الصحبة لا يضاهيه شرف.
ومما جاء من فضائل هند بنت عتبة رضي الله عنها ما قال رب العزة و الجلال: {لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد و قاتلوا و كلاَ وعد الله الحسنى}.
قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» (6 /552):
((إنما نبه بهذا لئلاَ يهدر جانب الآخر بمدح الأول دون الآخر فيتوهم عنده ذمَه فلهذا عطف بمدح الآخر و الثناء عليه مع تفضيل الأول عليه)).
فوالله وبالله و تالله إن هندا رضي الله عنها معنية بهذه الآية وداخلة في هذا الوعد الرباني لا يشك في هذا من عرف قدر ربه و عظم شهادته.
ومن فضائلها أيضا:
ما بوَب عليه الترمذي بقوله: (باب الأنصار وقريش) ثم ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرها نوالا» (3908) وصححه الألباني.
قال الحافظ المباركفوري -رحمه الله- في «تحفة الأحوذي» (9 / 371 – 372):
((قوله: «اللهم أذقت أول قريش نكالا» أي يوم بدر و الأحزاب «نكالا» بفتح النون، أي : عذابا بالقتل و القهر و قيل : بالقحط و الغلاء فأذق آخرهم نوالا " أي : إنعاما و عطاء وفتحا من عندك)).
فلا نامت أعين الرافضة و أتباعهم من الجهلة والكُتاب المتطفلين على الشريعة، الذين نجسوا ألسنتهم وأقلامهم بأنواع الشتائم و السباب في حق هذه الصديقة الطاهرة !!
هذا ما وصلت له عيناي - مع تقصير كبير في البحث - عن فضائلها و مناقبها رضي الله عنها.
توفيت رضي الله عنها سنة 14 هجرية
.
:::::::::::::::::: دفع شبهة عن هند بنت عتبة رضي الله عنها :::::::::::::::::
.
كل من يذكر هندًا من الجهلة لا يذكرها إلا بقصة أكلها من كبد حمزة رضي الله عنها وهذا من أعظم الآثار المشينة لذلك التمثيل الوقح ألا وهو فلم (الرسالة) الفاجر التي أصدرت (اللجنة الدائمة للإفتاء) فتوى في تحريم مشاهدته كيف لا وقد شوه معظم الصحابة ومن بينهم هند رضي الله عنها.
فكل من شاهد الفلم لا يعلم شيئا من إسلام هند بل حتى لا يعلم إسلامها ولا يستغرب هذا عندما تعلم أن الفلم سجل بمباركة اللجنة الشيعية العلمية كما هو مكتوب في آخره و الله المستعان.
أولا:
لو سلمنا جدلا أن القصة صحيحة ثابتة , فهند رضي الله عنها أسلمت و حسن إسلامها وتابت من ذنب هو أعظم من ذلك المذكور ألا وهو الشرك.. والإسلام يَجُبُّ ما قبله والحمد لله.
وقد أبدلها الله عداوة النبي صلى الله عليه وسلم محبتا له وإعزازا لشأنه..
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «المنهاج» (4 / 474):
((وكان هذا قبل إسلامهم ثم بعد ذلك أسلموا وحسن إسلامهم و إسلام هند وكان النبي صلى الله عليه و سلم يكرمها و الإسلام يجب ما قبله)).
ثانيا:
أن وحشيا رضي الله عنه لم يكن عبدًا لهند، ولم تأمره بقتل حمزة رضي الله عنه أصلًا!!
و قد ذكر البخاري -رحمه الله- قصته بطولها تحت باب (قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه) حديث رقم 4072 جاء فيه من قول وحشي: «فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حرَ».
ثالثا:
أن غالب الروايات التي ذكرها أهل التاريخ مرجعها لرواية ابن هشام في سيرته حيث قال: ((قال ابن إسحاق : ووقعن هند بنت عتبة كما حدَثني صالح بن كيسان و النسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى...)) ثم ذكر تمام القصة.
فهل يعقل أن يطعن في عرض هذه الصحابية بمثل هذه الروايات المنقطعة فصالح بن كيسان من المائة الرابعة.
رابعا:
من مفردات الإمام أحمد -رحمه الله- ما رواه في «مسنده» عن ابن مسعود برقم (4506) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما كان الله ليدخل من حمزة شيئا النار)) وفي سياقه ذكر قصة هند.
قال الإمام الهيثمي -رحمه الله- في «مجمع الزوائد» (6/ 113): ((رواه أحمد وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط)).
وقال محقق كتاب «جامع المسانيد» لابن الجوزي -رحمه الله- (5/ 109): ((هذا إسناد فيه ضعف من جهة عطاء بن السائب و أضاف محققو المسند انقطاعه من جهة الشعبي فهو لم يسمع من عبد الله)).
خامسا:
قال ابن عبد البر -رحمه الله- في «الإستيعاب» (923):
((وقد قيل إن الذي مثَّل بحمزة بن عبد المطلب معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية و قتله النبي صلى الله عليه و سلم صبرا منصرفه من أحد فيما ذكر الزبير)).
قال ابن الأثير في «الكامل» (7/ 276):
((وقيل إن الذي مثل بحمزة معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية جد عبد الله بن مروان لأمه وقتله النبي صلى الله عليه وسلم صبرا منصرفه من أحد)).
وأعود فأقول:
أن لو سلمنا أن كل ما ذكر صحيـــح!! بل و لو رواه البخاري، بل ولو اتفق عليه الشيخان ؛ لما جازَ لأحد أن يطعن في هند رضي الله عنها!!
ورحم الله الأستاذ العلامة محمود شاكر عندما رد على سيد قطب في هذه القضية حيث قال كما في مجلة «المسلمون» (العدد 3 سنة 1371):
((أئمتنا من أهل هذا الدين لم يطعنوا فيهم و ارتضاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و ارتضى إسلامهم و أما ما كان من أمر الجاهلية فقلَ رجل وامرأة من المسلمين لم يكن له في جاهليته مثل ما فعل أبو سفيان أو شبيه بما يروى عن هند إن صح)).
وأخيرًا:
قال الحافظ قوام السنة الأصبهاني -رحمه الله- في كتابه «الحجة في بيان المحجة» (2/570 -571):
(فصل):
قال قوم من المبتدعة : أبو سفيان أبو معاوية قاتل النبي صلى الله عليه و سلم، وأمه هند أكلت كبد حمزة ومعاوية قاتل عليا ويزيد قتل الحسين -قال بعدما دافع عن أبي سفيان رضي الله عنه- فأما هند أم معاوية فإنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وبايعت ونزل قوله تعالى: {فبايعهنَ و استغفر لهنَ الله} فاستغفر لها النبي صلى الله عليه وسلم فلم يضرها ما فعلت قبل ذلك)).
الخاتمة:
أعتقد جازما ما قاله الشيخ العلامة الوالد ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله - :
( أن سبب هوان الأمة في عصرنا هذا هو عدم معرفة قدر الصحابة )
وو اضعا نصب عيني قول رب العزة و الجلال {وَالَّذِينَ جَاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }.
فاللهم ارفع درجات الصحابة في جناتك و رفع لهم ذكرهم في الدنيا بين عبادك و ارزقنا حبهم و الغيرة على أعراضهم و احشرنا معهم
و أخيرا هذا ما رمت بيانه و توضيحه تأثما و راجيا من الله تعالى أجر ذلك
والحمد لله رب العالمين
وكتب
أبومارية أحمد بن فتحي
6 ديسمبر، 2014‏م