الحمد لله، وبعد:
فقد كثُر اختلاف النَّاس، هل يُستحَبُّ إظْهَار الأعمَالِ الصَّالحة أو إخْفَاؤها؟
وهل يكون رياءً لو ظهرَت؟!
وغير ذلك مِمَّا يُحاك في الصُّدور،،، وقد سُئِلْتُ كثيرًا في هذه المسَائل، وأقول لتَوْضِيح المَسْألَة:
إنَّ إظهار العمل وإخفاءه له أحوال:
- الحال الأُولَى:
أنْ يَكُون العمَل مِن السُّنة إخفاؤه؛ فيخفيه.
مثل:
قِيَام اللَّيل، والخشُوع.
- الحال الثَّانية:
أنْ يَكُون العمَل مِن السُّنة إظهاره، فيظهره.
مثل:
المُحافظَة على صلَاة الجمُعَةِ والجمَاعة، والجَهْر بالحق.
- الحال الثَّالثة:
أنْ يَكُون العمل بَيْن الإسْرَار والإظْهَار، فيُسَنُّ إخفاؤه لِمَن يخشى مِن نَفْسِه الرِّياء بذَلِكَ، ويُسَنُّ إظهاره لمن يريد أنْ يقتديَ النَّاس به.
مثل:
صدقة التَّطَوُّع، فإنَّ المَرْء إذَا ظنَّ أنَّه سيدخل قلبه شيءٌ مِن الرِّياء إذا رآه النَّاس؛ فعلَيْهِ أنْ يخفي صدَقته..
وأمَّا إذَا ظنَّ أنَّ النَّاس سيقتدون به في صدَقَتِه، وأنَّه سيجاهد نفْسه في الرِّياء، فيُسَن له إظْهَار صدَقِته.
ومثل:
العَالِم الَّذِي يُصَلِّي النَّافلة أمَام النَّاس في المَسْجِد ليُبَيِّن لهُم ما هِيَ النَّوافل؟ وعدد ركعاتها؟ ونحو ذَلِكَ.
* وقد أدركتُ أحد شيوخ السُّنة في مصر كان يأتزر أمامنا ليُريَنا السُّنة في ذلك، وكان يتنعل جالسًا، ويبدأ باليمين... وكان يتعمد هذا أمامنا؛ فبحثنا فوجدنا السُّنة؛ فعمِلنا...
وقد ورَدَ ذلك عن جماعةٍ مِن السَّلف أنَّهم كانُوا يظهرون بعض أَعْمَالهم وأحوالهم الشَّريفة ليُقتدَى بهم..
كما قال أبو بكر بن عيَّاش -رحمه الله- لولده لابنه:
"يا بُنَيَّ، إيَّاكَ أنْ تَعْصِي الله -تعالى- في هَذِه الغُرفة؛ فإنِّي ختمت القُرآن فيها اثْنَتيْ عشرة ألْف خَتْمة"
لذلك لابُدَّ مِن التَّنبِيه على:
أنَّ مَن دعَا إلَى كتم ( جميع الأَعْمَال الصَّالحة ) عن ( جَمِيع النَّاس ) ؛ فهَذَا إنْسَانٌ خبيثٌ يقصد إماتة الإسْلَام !
قال الفُضَيل بن عِيَاض -رحمه الله-:
(( ترك العمَل من أجْل النَّاس رِيَاء، والعمل مِن أجْل النَّاس شِرْك، والإِخْلَاص: أنْ يعافيك الله عنهما )).
وصلى الله وسلم على عبده، وآله وصحبه
وكتب أبومارية أحمد بن فتحي
25 ديسمبر 2014م

