مصر في العصور الاسلامية/ الجزء الخامس

الدولة الإخشيدية، إمارة إسلاميَّة أسَّسها مُحمَّد بن طُغج الإخشيد في مصر، وامتدَّت لاحقًا باتجاه الشَّام والحجاز، وذلك بعد مضيّ ثلاثين سنة من عودة الديار المصريَّة والشَّاميَّة إلى كنف الدولة العبَّاسيَّة، بعد انهيار الإمارة الطولونيَّة التي استقلَّت بِالحُكم، وانفصلته عن الخِلافة العبَّاسيَّة طيلة (37 سنة).
كان مُؤسس هذه الدولة مُحمَّد بن طُغج مملوكًا تُركيًّا،
عيَّنهُ الخليفة العبَّاسي أبو العبَّاس مُحمَّد الراضي بالله واليًا على مصر، فأقرَّ فيها الأمن والأمان وقضى على المُتمردين على الدولة العبَّاسيَّة، وتمكَّن من الحد من الأطماع الفاطميَّة بِمصر.
فلمَّا تمكَّن من ذلك منحهُ الخليفة لقبًا تشريفيًّا فارسيًّا هو: ( الإخشيد ) تكريمًا لهُ ومُكافأةً على عمله.
وكان الإخشيد ملكًا مهيبًا، استطاع أن يمد نفوذه إلى الشام والحجاز باعتماده على جيش زاد عدد أفراد جنوده على (400000)..
وبعد وفاته بدمشق خلفه على الحكم مؤدب أبنائه (كافور الحبشي) الذي وصفه ابن خلكان بصفات مزرية، ويبدو أن عهده كان قاتمًا، إذ تعرضت مصر للعديد من الكوارث والحروب من جانب أعدائها ملوك النوبة، وقل شأنها...
وقد أدى إلى دخول الفاطميين ــ أو الشيعة الروافض على صحة نسبتهم وتسميتهم ــ.
دخل الروافض المسمون بالفاطميين مصر على يد (جوهر الصقلي) سنة (358هـ ــ 968م) بعد ما يزيد على 35 سنة من عمر هذه الدولة.
.
وبوجه عام كانت حضارة الإخشيديين مماثلة للحضارة الطولونية؛ لقرب العهد بينهما، فقد نعمت البلاد بالرخاء، والثراء في أيامهم، وقطعت شوطًا كبيرًا في إرساء قواعد العدالة.
.
وتذكر بعض المصادر أن الإخشيد نفسه كان يجلس للمظالم كل يوم أربعاء، وحذا حذوه كافور...
ومن أشهر قضاة هذا العهد:
محمد بن بدر الصيرفي، والحسين بن أبي زرعة الدمشقي.
أما على الصعيد العلمي فقد كان بلاط الإخشيد ومن بعده كافور عامرًا بالعلماء من مختلف الفنون، وممن نبغ في عهدهما:
أبو إسحاق المروزي، والحسن بن رشيق المصري.
ومن المؤرخين: فقد كان لهم شأن عظيم منهم الحسن بن القاسم بن جعفر بن دحية أبو علي الدمشقي، والحسن بن إبراهيم بن زولاق ممَّن اهتموا بِتدوين تاريخ مصر وخططها..
ومن مؤلفاته: كتاب «فضائل مصر»، و«سيرة مُحمَّد بن طغج الإخشيد»، و«أخبار سيبويه المصري»، وغيرها من المُصنَّفات.
وكذلك البطريرك سعيد بن البطريق الذي مارس الطب أيضًا فترة من الزمن بالفسطاط، وألَّف كتابه المشهور «التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق» تناول فيه التاريخ منذ بدء الخليقة إلى العصر الذي عاش فيه.
ومن الأطبَّاء الذين ظهروا في العهد الإخشيدي أيضًا:
نسطاس بن جُريج صاحب كتاب «رسالة إلى يزيد بن رومان النصراني الأندلُسي في البول»، والبالسي الذي كان مُتميزًا في معرفة الأدوية المُفردة وأفعالها، وله من الكُتب كتاب «التكميل في الأدوية المُفردة»، وأبو عبد اللّه مُحمَّد بن أحمد بن سعيد التميمي المقدسي العالم بالنبات وماهياته والكلام فيه، وكان مُتميزًا أيضًا في أعمال الطب والاطلاع على دقائقها، وله خبرة فاضلة في تركيب المعاجين والأدوية المُفردة.
ومن الشعراء: كشاجم، وأبو الطيب المتنبي، الذي مكث في بلاط كافور ما يزيد على أربع سنوات.
أما من الناحية العمرانية: فينسب إلى الإخشيد بناء قصر المختار، وإلى كافور القصر الذي أنشأه فيما يعرف بالبستان الكافوري...
ولم يزل الروافض يكيدون للاستيلاء على الدولة.....
.
يُتبع.... (مصر في عهد الدولة الرافضية - المسماة بالفاطمية).
----------------------------------------------------------------------------
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏