مصر في العصور الاسلامية
الجزء الثالث
الدولة العباسية

سقطت الدولة الأموية بسبب الخروج على الخلفاء والولاة كذلك؛ فالخروج سبب كل فتنة وشر.
قامت الخلافة الإسلامية الثالثة، وهي: العباسية.
تغيرت الخلافة من الشام التي اتخذها الأمويون مقرًّا، إلى الكوفة التي آثرها العباسيون؛ وذلك لأسباب لا داعي لذِكرها في هذا المقام، ولكن المقال يختص بمصر في تلك المدة...
.
في العهد العباسي تحولت حاضرة مصر إلى مدينة المعسكر التي أنشأها (صالح بن علي العباسي)، وكان الخلفاء العباسيون يقلدون ولايتها للأكفياء من قادتهم...
فقد تولاها (إبراهيم بن صالح)، و(حميد بن قحطبة)، ومع ذلك لم يستقم أمرها لبني العباس كما كان متوقعًا...!
إذْ شهدت العديد من حركات التمرُّد، كتلك التي قادها( دحية بن مصعب بن الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان)، وهو من بقايا بني أمية، حيث خرج في صعيد مصر سنة (165هـ/781م) على أميرها (إبراهيم بن صالح)، ومنع الأموال، وعظم أمره حتى إنه دعا لنفسه بالخلافة !
وكعادة الفتن وما يحصل فيها... بايعه كثير من وجوه مصر، وكاتَبوه لدخول الفسطاط..
كما وقف المصريون إلى جانب العلويين في كثير من المناسبات، وخصوصًا في أثناء الثورة التي قادها (محمد بن عبد الله) المعروف بـ(النفس الزكية)...
.وكانت مصر آمنةً لبعض من هاجر إليها منهم( كإسحاق بن جعفر الصادق) الذي لجأ إليها مع زوجه (نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي).
وفي الوقت ذاته كانت مصر معبرًا آمنًا للهاربين إلى المغرب والأندلس سواء كانوا من الأمويين (عبد الرحمن الداخل) أم العلويين (إدريس بن عبد الله) اللذين تمكنا من إقامة دولتين مناهضتين للدولة العباسية في الأندلس والمغرب.
.
ومن جهة أخرى شهد تاريخ مصر في أثناء تبعيتها للخلافة العباسية ظهور بعض القادة المتنفذين أصحاب النزعة الاستقلالية !
من أمثال:
(عبد العزيز بن الجارور) الذي فرض سيطرته على الوجه القبلي.
وسيطر (السري بن الحكم) على الوجه البحري.
وابن الحكم هذا من القادة الدُّهاة أصله من خراسان كان أشد فتكًا بأهل مصر.
ويروى أن عددًا من أتباعه تمردوا عليه في إحدى المعارك بقيادة أخ له ؛ فتغلب عليهم، وحملهم جميعًا في مركب ، وأمر بإغراقهم في النيل.
.
وفي تلك المدة قدمت مصر قبيلتا (لخم)، و(جذام)، واستبد رؤساؤهم بالإسكندرية والمناطق الغربية، ونجم عن ذلك اضطراب الأحوال ...
حتى أثر ذلك على الوضع السياسي للبلاد بل والاجتماعي ... وذلك لو لم يأت الخليفة المأمون نفسه إليها على رأس حملة كبيرة مكَّـنته من إعادة النظام والاستقرار.
.
ومنذ منتصف القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي: بدأت مصر تتجه نحو الاستقلال عن الخلافة العباسية مع بقاء تبعيتها (شكلًا) ! للدولة العباسية.
وسوف نرى كيف أن كثرة خروجهم على ولاتهم وخلفائهم أدى إلى انعزالهم عن الخلافة العباسية، بل أسقطها كليَّةً ! ثم تُعلن الدولة الطولونية حكمها على مصر..انتظروا...
يُتبع.... (مصر في عهد الدولة الطولونية).
----------------------------------------------------------------------------