الماوردي
(364- 450)
(364- 450)
• اسمه: أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، البصري الشافعي.
انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» (12/102), «لسان الميزان» (4/260)، «البداية والنهاية» (12/80).
• اسم الكتاب: النُـكْـت والعيون.
• عقيدته: مؤول أشعري. شحن كتابه بالتأويل, ويختار في بعض المواضع من كتابه قول المعتزلة, وما بنوه من أصول فاسدة كاسدة, ويوافقهم في القدر؛ لذلك قال الذهبي رحمه الله في «الميزان» صدوق في نفسه لكنه معتزلي.
والذي يُحمد عليه ولم يوافق فيه المعتزلة مسألة (خلق القرآن)، وهذه من محامده ومحاسنه؛ فعفا الله عنه.
• موقفه من الأسانيد: لا يذكرها, ولا يعزو الروايات إلي مخرِّجيها, كأصحاب المسانيد والمستخرجات وغيرها، بالرغم من أنه نقل كثيرًا بل اعتمد على أقوال كثير من السلف والخلف، وأضاف عليها ما تجمع لديه من تفسير ومعنى وألّف ووفق بين ذلك توفيقًا بديعًا، ولكن غالب ما نقله من الأحاديث، وأسباب النزول، وأقوال الصحابة والتابعين هو من تفسير ابن جرير الطبري؛ فاعتمد عليه اعتمادًا. وصدق من قال: (كل من جاء بعد ابن جرير عيال عليه).
• موقفه من الأحكام الفقهية: الماوردي فقيه، شافعي المذهب متبحر فيه, وهو إمام الشافعية في عصره, وقد صنّف في المذهب كتابه الشهير «الحاوي» ويقع هذا الكتاب في أكثر من عشرين مجلدة, وقد ظهر فقهه ونبوغه جليًّا في تفسيره.
فهو يعتني بذكر أقوال الشافعي في المسائل ولا يكتفي بل يرجح, كما أنه يشير إلي أقوال بعض المذاهب الأخري مثل: أبي حنيفة، ومالك، و داود الظاهري, عدا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فلم يذكر له قولا فقهيًّا واحدًا.
وقد حدثني بعض شيوخي حينما سألت عن سبب هذا فقال بعضهم: لعله كان يرى أحمد بن حنبل من مُحدثًا، ولا يراه فقيهًا. !!
قلت: سبحان الله! الإمام أحمد فقيه محدث، صاحب مذهب أهل السنة والجماعة في فقهه، وحديثه، ومنهجه، وعقيدته؛ رحم الله إمام أهل السنة أبا عبد الله.
• موقفه من القراءات: ذكر القراءات السبع المتواترة في مواضعها، وكذا الشاذة في بعض الآيات, ويبين معناها ويوجهها التوجيه المطلوب, ولكنه لا يشير إلي المصادر التي نقل منها.
• موقفه من الإسرائيليات: يوردها من غير إكثار, وينتقدها أحيانا في بعض المواضع.
• موقفه من الشعر، والنحو، واللغة: أما في هذا الباب فحدث عنه ولا حرج؛ فهو يذكر أصول الكلمات ويستشهد عليها بالشعر، ويربطها بالمعنى المراد من الآية، وينقل كثيرًا من الكتب التي أُلفت في معاني القرآن، وغريبه، وإعرابه، ومجازه، وأيضًا التي جمعت بين اللغة والنحو ولها صلة بالنص القرآني، مثل:
الكسائي، و«معاني القرآن» للفراء، والأخفش، وثعلب، والزّجاج.
كما نقل عن كتاب: «إعراب القرآن» لمحمد بن المستنير المعروف بـ "قطرب"، و«مجاز القرآن» لأبي عبيدة معمر بن المثنى، ونقل أيضًا عن ابن قتيبة وله كتاب «غريب القرآن» و «تأويل مشكل القرآن»، ونقل كذلك عن محمد بن السائب الكلبي وله «تفسير القرآن»، ونقل عن مقاتل بن سليمان وله تفسير كامل للقرآن طُبعت بعض أجزائه، كما نقل كذلك عن محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة، وعن عيسى بن علي الرماني وهو من المعتزلة وله «الجامع لعلم القرآن»، ونقل عن ابن بحر وهو أبو مسلم الأصفهاني وهو من المعتزلة، وعن سهل بن عبد الله التستري وله تفسير صوفي مختصر مطبوع، وغير ذلك كثير ممن نقل عنهم الماوردي.
ويُلاحظ أن تلك المصادر أصيلة لقدمها؛ فمنها المطبوع، ومنها المفقود، ومنها ما لم يحظ بالتحقيق والاعتناء، وقد زادت قيمة تفسير الماوردي حينما نقل عن هذه الكتب التي تكاد أن تكون مندثرة؛ فأصبح جامعًا لعلوم مهمة مفقودة، بل وأصبح مرجعًا مهمًّا؛ فلا يكاد يخلو تفسير من التفاسير اللاحقة بعده من النقل عنه. فمنهم من تقلد منهجه من حيث حصر الأقوال وجمعها ثم تفصيلها والتأليف بينها مع نسبة كل قول إلى قائله كابن الجوزي - وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله لاحقًا - ؛ فقد نقل كثيرًا من أقوال الماوردي، وأحيانًا ينسبها إليه، وأخرى لا يفعل، كذلك القرطبي نقل كثيرًا من أقواله وآرائه، وأيضًا ابن عطية، والفخر الرازي، وغيرهم من المفسرين.
وجاء بعد ذلك كله العزُّ بن عبد السلام واختصر تفسير الماوردي ولم يبين العز سبب ذلك، ولم يبين كذلك منهجه في الاختصار، إلا أن محقق كتاب العز قال في تحقيقه ما يلي:
هو اختصار لتفسير الماوردي «النكت والعيون» ولم يبين العز سبب اختصاره، ولا منهجه في الاختصار. ولعل سبب اختصاره ما يلي:
1 - قيمة تفسير الماوردي العلمية وأهميته ونفاسته.
2 - ما فيه من تطويل يحتاج إلى اختصار وتهذيب.
3 - مجاراة للعصر الذي عاش فيه العز، فقد كثرت فيه المختصرات؛ لأن العلوم قد كملت تقريبًا ونضجت، فالمطلع على مؤلفات العز يجد أن بعضها مختصرات حتى أنه اختصر كتابه «قواعد الأحكام» في كتاب «القواعد الصغرى».
وقد بدأ تفسيره بمقدمة ذكر فيها أسماء القرآن، ومعنى السورة، والآية، والأحرف السبعة، والإعجاز بكلام موجز، ثم شرع في تفسير القرآن الكريم سورةً سورة من الفاتحة إلى آخر سورة الناس، ولا يوجد لهذا التفسير - حسب علمي - إلا نسخة واحدة بدار الكتب المصرية برقم (32 - تفسير) ومكتوب على الورقة الأولى منها العنوان التالي: (تفسير القرآن للشيخ الإمام سلطان العلماء عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي اختصار النكت والعيون للماوردي - رضي الله عنهما - ) . ويقع في مجلد كبير عدد أوراقه (230) ورقة، أي: (460) صفحة من القطع الكبير، وفي الورقة (23) سطرًا، وكلمات السطر تترواح فيما بين (10) كلمات إلى (13) كلمة، وخطه رديء غير مشكول وغير معجم غالبا، والآيات القرآنية وأسماء السور مكتوبة بالمداد الأحمر. وليس عليها اسم الناسخ، ولا تاريخ النسخ، وخطها يشبه خطوط القرن الثامن، ورقها جيد إلا أن الورقات الأولى منها فيها خروم مرممة، وكذا الورقات الأخيرة، وقد سقط منها ورقة تقريبا، وتمتاز هذه النسخة بقلة الأخطاء، وقد قمت بتحقيقه وهو تحت الطبع. انتهى كلامه.
انظر: مجلة «البحوث الإسلامية» التي تصدرها الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
إلى هنا أكون قد انتهيت مما يسر الله تعالى من الكلام عن تفسير الماوردي النكت والعيون، وإلى مفسر آخر إن شاء الله تعالى.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه
وكتب
الفقير إلى عفو ربه القدير
أحمد بن فتحي الزَّيْني
سامحه الله
الفقير إلى عفو ربه القدير
أحمد بن فتحي الزَّيْني
سامحه الله

