الحمد لله، وبعد:
منذ ألف عامٍ وزيادة، كان الشاعر أبو الطيب المتنبي الكوفي في مصر.. وحصلت له أمور، وشاهد من أخلاق الناس وأعمالهم ما جعله يرحل عنها قائلًا:
وَماذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا
وصار هذا البيت قانونًا طبيعِيًّا ينطبق على أحوال مصر الاجتماعية، والسياسية، وسائر الأعمال اليومية.. ولا يكاد يسقط حتى لحظاتنا هذه..
ومن الأمور المضحكات المبكيات: ما هو موجود منذ أن أبصرَتْ أعيننا الدنيا وحتى لحظتنا هذه، وهو:
استعمال آيات كتاب الله لترويج السلع، وإشهار الدكاكين والحوانيت..
بل وتعدَّى الأمر لكتابة الآيات على السيارات والدراجات
والأفحش والأدهى: ما كان مكتوبًا رِدف السيارة، بجوار لافتة رقمها، أو تحتها أو فوقها...
وهذا مشاهًدٌ ملموس، ومعروفٌ محسوس، ومنه:
- دكاكين العصائر يكتبون: {وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا}.
- دكاكين الأطعمة: {كلوا واشربوا هنيئًا}.
- دكاكين إصلاح السيارات: {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت..} !!
- دكاكين الأسماك: {وجعلنا من الماء كل شيءٍ حي}
- أحد معارض السيارات كتب: {وكان أبوهما صالحًا..} وعلى واجهة المعرض صورة طفلين !
- وحدثني الأخ إيهاب جودة -وفقه الله- أنه رأى مكتوبًا على سيارة أجرة: {يابُنَيَّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين} !
- ورأيت دكان ألبان كتب: { لبنًا خالصًا سائغًا للشاربين }.
وكل هذه أمور رأيتها بعينيَّ، ولا أقولها مبالغةً، ولاشك أن كل منا يرى هذا أو ربما رآه يومًا ما...
وهذا تلاعب بكلام الله عز وجل، وإنزال لمعانيها على غير مرادها
والأفحش والأدهى:
أن يكتب فلان في ورق الدعاية: (تم بحمد الله افتتاح ...) ثم مصير الورق إلى القمامة، والشوارع حيث موطيء الأقدام !
أو مَن وضعوا المصحف زينةً في سياراتهم!
ثم إذا قلنا لهم: هذا خطأ
قالوا: نحن نقرأ فيه!
ولعله يمر عليه الحول ما فتحه!، ولا بأس إذا وضعه في درج من أدراج السيارة حفظًا من التراب على الأقل!
وعلى كل حال:
نحن على علمٍ تامٍّ أنهم ما أرادوا امتهان كتاب الله، ولكن نقول لهم: وكم مِن مريدٍ للخير لم يبلغه !
ويجب على من رأى هذه الأفعال أن يوجه أصحابها بالتي هي أحسن.
وهذا موقف حدث لابد من ذكره في هذا الصدد، وهو:
أنه كان هناك رجل يعبئ عبوات السكر، وكتب عليها: (أولاد الحاج عبد الله) أو نحو هذا..
وكنت أرى تلك العبوات فارغة في الشوارع أمام مصنعه
فدخلت إلى المصنع وسألت عن المسؤول؛ فدلوني عليه؛ فجلست معه قرابة النصف ساعة أكلمه وأحاول إقناعه ؛ حتى غيَّر العبوات وكتب: أولاد الحاج عبده!
وهكذا ينبغي التفاعل والتحرك لحفظ آيات الله وأسمائه وصفاته؛ وإلا.. فلا خير في مسلمٍ لا يغار على أسماء وكلمات ربه !
وصلى الله وسلم على عبده محمد وآله وصحبه
وكتب
أبومارية أحمد بن فتحي

