الحمد لله، وبعد:
نسمع كثيرًا ونرى علماءً أثاروا اهتمامات الناس ــ واهتمامات الشعوب المسلمة خصوصًا ــ بإفاداتهم، وأبحاثهم، واختراعاتهم، وأخلاقهم، ومساعداتهم، وسعيهم للسَّلام بين الشُّعوب، وغير ذلك من المآثر الحميدة، والأخلاق النبيلة، والاختراعات المفيدة...ومنهم الشاعر، ومنهم الأديب، ومنهم الطبيب، ومنهم الغني الذي أنفق ماله في أعمال خيرية...إلخ.
.
ويظل شباب المسلمين يتابعون أخبار معاصريهم، ويقرؤون أيَّام مفقوديهم ولو مرَّ عليهم دهر من الزمان طويل..
والأدهى أننا نرَى تعصُّبًا لهم وتقليدًا، ودفاعات عنهم تصل حد الموالاة والمعاداة من أجلهم..
لاسيما مَن كان معاصرًا فمات.. نسمع مَن يردد: ( لا يجوز الترحم عليهم ) ! ونسمع من يردد: ( ولماذا لا نترحم عليهم؟! هؤلاء أفادوا البشرية ) ويظل المسلمون في تفرق واختلاف على شخص مفروغٍ من أمره !
وعلى صعيدٍ آخَر
لا نجد هذا الحماس والحب والمتابعة والانبهار لمن أقاموا الحضارة الحقة، الحضارة التي أجدر أن تُكتب بالذهب التي قامت على أكتاف (أصحاب رسول الله) وعُلماء الإسلام، الذين لو شِئْنا أن نعدد بطولاتهم، ومآثرهم لن ننتهي الدهر !!!
..
ومن انبهر به شباب المسلمين رجلٌ يُعتبر قُدوةً في التحدي والصَّبر ومقاومة المرض، وإنجاز ما عجز عنه الأصِحَّاء. إلى جانب جلَده وصبره الطويل في مجال العلوم الفيزيائية...
ألا وهو (هوكينج) الذي تميز واشتهر بــ:
- العمل والنشاط في الأعمال الاجتماعية.
- الدعوة للسِّلْم والسَّلام العالَمِي.
- مساعد للطفولة وقرى الأطفال.
- شارك في مظاهرات ضد الحرب على العراق.
- في عام 2013 أعلن عن رفضه المشاركة في مؤتمر يقام في إسرائيل
هذا هو في نظر محبيه ! وهذه أعماله التي انبهروا بها.. وهو ما أراد إلا الذكر! فهو ملحد لا يؤمن بوجود خالق لهذا الكون العظيم الخارق!
فأقل طفلٍ عندنا ــ معشر المسلمين ـــ يوزن أمام هذا العالِم بكل أعماله وعلومه بجبل اُحدٍ! وربما أكثر !
ولن تعدو أعماله كلها فوق رأسه !
وعلى دربه دولة اليابان بما فيها من تقدم علميٍّ واضح، ولكن وآسفاه! يعبدون صنمًا !
..
ومثلهم من قدماء العرب: حاتم الطائي ولكن في باب من أبواب الخير الأخرى، فهو مضرب الأمثال في الكرم، وصلة الرحم، والقيام على الفقراء، وإنفاق ماله عليهم...
ومع ذلك لما سئل رسول الله عنه! سوف نرى ماذا قال؟!
.
أخرج ابن حبان في «صحيحه» (332) عن عَدِيِّ بن حاتم، قَال: قلت: يا رَسُول اللَّه، إنَّ أبي كان يَصِلُ الرَّحِم، وَكَانَ يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، قال: «إِنَّ أَبَاكَ أَرَادَ أَمْرًا فَأَدْرَكَهُ» يَعْنِي الذِّكْرَ. حسنه الألباني في «التعليقات الحسان» (333).
قالَ ابنُ كَثِير رحمه الله: «وقد ذكرْنَا ترجمَة حاتم طيء أيَّام الجاهلِيَّة عند ذكْرِنَا مَن ماتَ مِن أعيَان المشْهُورين فيها، ومَا كان يُسْدِيهِ حاتمٌ إلى النَّاس مِن المكَارم والإحْسَان، إلَّا أنَّ نَفْعَ ذلك في الآخِرَةِ، -أي: مشروط- بالإيمان، وهو مِمَّنْ لم يَقُل يومًا مِن الدَّهر «رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين». انظر: «البداية والنهاية» (5/67).
فنقول لهذا الملحد وغيره من الكافرين، ولمحبيهم ومَن انبهروا بهم: نفع ذلك لا قيمة له في الآخرة؛ فقد أردتم الذكر عند الناس وقد نلتموها !
وأقول: إن المعيار عندنا هو التقوى والعمل الصالح المقرون بالتقوى، ويتوج هذا الإخلاص ويغذيه ويوصله!
ولا يصح أن ننظر إلى بعض البطالين من المسلمين اليوم، مِن مُحبِّي الراحة والكسل، والساعين بكل فشل.. بل..
لنا تاريخ نفخر به، ونماذج مشرفة تحتاج لمن ينظر إليها لنرى أن هؤلاء الكفار لم يفعلوا شيئًا مقابل ما فعله أسلافنا..؛ فالفخر كل الفخر بأصحاب رسول الله.. ومَن تبعهم بإحسان..
والله الموفق والمستعان.
وكتب
أبومارية أحمد بن فتحي

